حكم استخدام جوزة الطيب فى الطعام

حكم استخدام جوزة الطيب فى الطعام

لفضيلة الشيخ/
محمد بن صالح المنجد

الحمد لله

شجرة " جوزة الطيب " معروفة منذ قديم الزمان ، وقد كانت تستخدم ثمارها كنوع من " البهارات " التي تعطي للأكل رائحة زكية ، واستخدمها قدماء المصريين دواء لآلام المعدة وطرد الريح .
وارتفاع شجرتها حوالي عشرة أمتار ، وهي دائمة الخضرة ، ولها ثمار شبيهة بالكومثرى ، وعند نضجها يتحول ثمرها إلى غلاف صلب ، وهذه الثمرة هي ما يعرف بجوزة الطيب ، ويتم زراعتها في المناطق الاستوائية ، وفي الهند ، وإندونيسيا وسيلان .

وتأثيرها مماثل لتأثير الحشيش ، وفي حالة تناول جرعات زائدة يصاب المرء بطنين في الأذن وإمساك شديد وإعاقة في التبول وقلق وتوتر وهبوط في الجهاز العصبي المركزي والذي قد يؤدي إلى الوفاة .

أما عن حكمها فقد اختلفت آراء العلماء فيها إلى قولين :

فجمهور العلماء على حرمة استعمال القليل منها والكثير ، وذهب آخرون إلى جواز استعمال اليسير منها إذا كانت مغمورة مع غيرها من المواد.

فقد أفتى في جوزة الطيب ابن حجر الهيتمي بما لا مزيد عليه، ونحن ننقل لك نص السؤال والجواب تكميلاً للفائدة.

يقول ابن حجر في الفتاوى الفقهية الكبرى:
أما جوزة الطيب فقد استفتيت عنها قديما وقد كان وقع فيها نزاع بين أهل الحرمين وظفرت فيها بما لم يظفروا به، فإن جمعاً من مشايخنا وغيرهم اختلفوا فيها، وكلٌ لم يُبْدِ ما قاله فيها إلا على جهة البحث لا النقل، ولما عرض عليَّ السؤال أجبت فيها بالنقل وأيدته وتعرضت فيه للرد على بعض الأكابر فتأمل ذلك فإنه مهم.

وصورة السؤال هل قال أحد الأئمة، أو مقلديهم بتحريم أكل جوزة الطيب، أو لا؟
وهل يجوز لبعض طلبة العلم الأخذ بتحريم أكلها؛ وإن لم يطلع في التحريم على نقلٍ لأحد من العلماء المعتبرين؟
! فإن قلتم: نعم، فهل يجب الانقياد والامتثال لفتياه أم لا؟

فأجبت بقولي الذي صرح به الإمام المجتهد شيخ الإسلام ابن دقيق العيد:
أنها مسكرة، ونقله عنه المتأخرون من الشافعية والمالكية واعتمدوه وناهيك بذلك، بل بالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة على الجوزة المذكورة، وذلك أنه لما حكى عن القرافي نقلاً عن بعض فقهاء عصره أنه فرق في إنكاره الحشيشة بين كونها ورقاً أخضر فلا إسكار فيها بخلافها بعد التحميص فإنها تسكر.

قال: والصواب أنه لا فرق، لأنها ملحقة بجوزة الطيب والزعفران والعنبر والأفيون والشيكران بفتح الشين المعجمة وهو البنج وهو من المخدرات المسكرات، ذكر ذلك ابن القسطلاني في تكريم المعيشة.انتهى.

فتأمل تعبيره:
والصواب جعله الحشيشة التي أجمع العلماء على تحريمها لإسكارها وتخديرها مقيسة على الجوزة، تعلم أنه لا مرية في تحريم الجوزة لإسكارها أو تخديرها. وقد وافق المالكية والشافعية على إسكارها الحنابلة بنص إمام متأخريهم ابن تيمية وتبعوه على أنها مسكرة.

ومحصل الجواب ،- كما صرح به شيخ الإسلام ابن دقيق العيد - :
أنها مسكرة ، وبالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة عليها ، وقد وافق المالكية والشافعية والحنابلة على أنها مسكرة فتدخل تحت النص العام : (كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام) ، والحنفية على أنها إما مسكرة وإما مخدرة ، وكل ذلك إفساد للعقل ، فهي حرام على كل حال" انتهى .
انظر : " الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 1 / 212 ) ، و" المخدرات " لمحمد عبد المقصود ( ص 90 ) .

وفي مؤتمر " الندوة الفقهية الطبية الثامنة " - " رؤية إسلامية لبعض المشاكل الصحية " " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " - والمعقود بدولة الكويت ، في الفترة من 22 -24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الذي يوافقه 22 - 24 من شهر مايو 1995 ، قالوا :

"المواد المخدرة محرمة ، لا يحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة ، وبالمقادير التي يحددها الأطباء وهي طاهرة العين .
ولا حرج في استعمال " جوزة الطيب " في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لا تؤدي إلى التفتير أو التخدير .

وقال الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي :
" لا مانع من استعمال القليل من جوزة الطيب لإصلاح الطعام والكعك ونحوه ‏،‏ ويحرم الكثير ‏؛‏ لأنها مخدِّرة" انتهى .

والأحوط :
هو القول بمنعها ولو كانت مخلوطة مع غيرها وبنسبة قليلة ، و" ما أسكر كثيره فقليله حرام " .
وللعلم : فإن ثمرة جوزة الطيب - بذرتها ومسحوقها الخاص - ممنوع استيرادها إلى بلاد الحرمين الشريفين ، ويقتصر السماح باستيراد مسحوقها المخلوط بغيره من التوابل في حدود النسبة المسموح بها والتي لا تزيد عن 20 % .

والله أعلم
شارك : حكم استخدام جوزة الطيب فى الطعام

تعليقات فيسبوك

مدونة رحيق العلم الشرعي المدونة الانجليزي مدونة الدروس صناعة المُحاوِر