بعض أشكال التوافق بين {سورة الإسراء وسورة الكهف}
- تدبرات قرآنية
- المشاهدات : 1767
- أضيف في : 21/6/2017
- طباعة المقال
بعض أشكال التوافق بين {سورة الإسراء وسورة الكهف}
💎كثيرة هي أشكال الانسجام والتوافق والتناسب العجيب بين آي الذكر الحكيم.
💠أما سورة الإسراء والكهف فبينهما أشكال لا حصر لها من الانسجام ذكر بعضها العلماء. وهذان نموذجان بسيطان من التوافق بينهما:
🔴الإسراء بدأت بالتسبيح بينما الكهف بدأت بالحمد
قال تعالى :{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الإسراء (1)
وقال سبحانه في بداية الكهف
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَم يَجْعَل له عوجا}الكهف
وهذا جمع بديع فإن (سبحان الله والحمد لله) فسبحان الله ⬅ تنزيه الله عن النقص فهو الكامل في اسماءه وصفاته فهو قدّر سبحانه الاسراء والمعراج ولا مرية في ذلك
وثناءً عليه سبحانه لأنه أنزل الكتاب الذي لا ريب فيه وذلك بلفظة الحمد
🔵1- توافق التماثل في أجزاء الصورة:
هذا النوع من التوافق تقوم سورة الكهف بتسليط الضوء على عناصر صورة أو خطاب ورد في سورة الإسراء ، مع اختلاف سياق الخطابين، ولكن المناسبة تقتضي الربط بينهما، كقوله تعالى من سورة الإسراء –وهو يعدد مطالب قريش المادية لتصديق رسالة محمد عليه الصلاة والسلام {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً *أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً}
🔖فعناصر الصورة وموجوداتها هي:
🔺تفجير نهر من الأرض بين جنة من نخل وعنب.
🔹وحين نقرأ سورة الكهف نجد عناصر وموجودات الصورة نفسها ولكن في سياق مختلف هو بيان النعمة التي أفاض الله بها على عبد غير شكور، وهي من النعم الدنيوية الزائلة التي لا يُستحق أن يُلتفت إليها
قال تعالى: {وَاضْرِبْ ""لَهُم"" مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً}
والضمير (لهم) عائد على كفار قريش كما ذكر ابن عاشور.
🔖وكأن آيات الكهف ترد على تلك المطالب السخيفة بقولها: إن ما تطلبون لشيء تافه سرعان ما ينقضي على غرار ما حدث لهاتين الجنتين, فهذه النعم ليست مقياسا للنبوة، إن الله يعطيها حتى لمن لا يشكره.
🔰وإنما المزية والفضل والجزاء العظيم في الآخرة، لأن ما طلبتموه هو من زينة الدنيا التي تنقشع في سرعة كأن لم تغن بالأمس ، مع 💡💡ملاحظة اختلاف صيغ الجموع وهي:
💠{نخيل وعنب}في آيات الإسراء
💠و{أعناب ونخل} في سورة الكهف
💡وكذلك اختلاف بين مصدر الماء ففي آيات الإسراء استعمل لفظ {ينبوع}دلالة على القلة وفي الكهف استخدم لفظ {نهر}
وصورة جنة العنب والنخل التي يتخللها ينبوع تكررت في عدة سور من القرآن كما في البقرة:266. والمؤمنون:19. ويس:34. والرعد:4 . والأنعام:99.
🔵2-توافق التمثيل أو الإجمال والتفصيل:
🔺في سورة الإسراء نقف عند كثير من الأوامر والنواهي التي نهانا الله عنها وهي مجموعة من الحكم الأخلاقية جاءت بصيغة الأمر والنهي، كالنهي عن أكل مال اليتيم والنهي عن قتل النفس المحرمة، والنهي عن قتل الأولاد وغيرها. قال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}
{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}
{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقًِّ*وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هي أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }
🔹ونحن نقرأ هذه الأوامر والنواهي الربانية كأننا أمام قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح
⬅بدايةً من كونهما أبناء سبيل حين مرا على القرية فلم يؤدِ أهل القرية حق أبناء السبيل إذ استطعموهم.
⬅ثم النهي عن قتل الأولاد كما وقع مع العبد الصالح حين قتل الغلام.
⬅أما النهي عن قتل النفس فقد بادر به موسى عليه السلام حين قال للخضر: {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً}
⬅والمحافظة على مال اليتيم جاء عند إقامة العبد الصالح للجدار خوفا على مال اليتيمين من أهل القرية اللؤماء.
⬅أما عن الوفاء بالعهد ففي قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح حين تعاهدا على الرفقة وعلى أن يتبع موسى عليه السلام العبد الصالح شريطة ألا يعترض أو يسأل عن شيء.
ولكن موسى عليه لم يستطع أن يراعي العهد لهول الأعمال التي أقدم عليها العبد الصالح وقد اعتذر العبد الصالح عنه سلفا
قال تعالى: {إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرا *ً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً}
ومن الغريب أن هذه الآيات من سورة الإسراء جاءت متلاحقةً ضمن سياق واحد
وجاء ما يوافقها في سورة الكهف أيضا في سياق واحد وهو رحلة موسى عليه السلام والعبد الصالح.
💡وكأن الإجمال جاء في الإسراء والتفصيل والتمثيل والتطبيق جاء في الكهف💡
💡أو أن هذا التوافق جاء من باب التناسب الشديد وبراعة التلميح الذي يعمّق من التحام السورتين.💡
وبعض ما جاء في قصة موسى والعبد الصالح يُعدّ استثناءً من قاعدة الأوامر والنواهي لأنه وحي من الله قدّر من وراءه الخير. ⤵⤵⤵
كما هو الحال في
•خرق السفينة
• وقتل الغلام
•ونقض العهد.
💡💡مع ملاحظة أمر دقيق في موقف موسى عليه السلام ..فقد اشترط عليه العبد الصالح ألا يسأل عن شيء.
وقد كان أول احتجاجين لموسى عليه السلام بصيغة السؤال: كما جاء في قوله تعالى:{أَخَرَقْتَهَا} {أقَتَلْتَ}أما الثالثة وقد اشترط موسى ذلك الشرط في صحبتهما وهو فض الصحبة في حالة تكرار سؤاله فلم يسأل ولكن تمنى تمنيا كما في قوله:{قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْر}
[يُنظر أهل التفسير -بتصرف بسير-]