البركة
- المقالات
- المشاهدات : 553
- أضيف في : 7/3/2018
- طباعة المقال
-
إن البركة كانت من التأييدات الإلهية التي وضعها الله تعالى للصحابة في كل شيء، فإن جاعوا أو عطشوا وجدوا بركة القليل من الطعام والشراب من حيث لا يحتسبون، جزاء لما كانوا عليه من الأحوال الحسنة وما تحققوا به من معاني الإيمان والتقوى، التي ذكرها الله تعالى في قوله :
{ وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡہِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ }
[ الأعراف: ٩٦ ] .
🌸 ومن القصص التي تبين هذه البركة، وتبين قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه وتصديق الله جل وعلا له في النبوة والرسالة، قصة الحديبية، التي رواها الإمام البخاري عن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال :
(( عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ مَا لَكُمْ ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُون،ِ قَال:َ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا . فَقُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ ؟ قَال:َ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً ))
* والرَكوة :
وعاء صغير من جلد، يشرب منه السائر في الصحراء، فلما ذهب الصحابة يشكون إلي النبي صلى الله عليه وسلم شدة العطش، إذا ببركة من بركات الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم قد ظهرت، فتفجرت ينابيع الماء التي سقت ألف وخمسمائة ، ولو كانوا مائة ألف - كما قال جابر رضي الله عنه- لكفاهم الماء !
وفي قصة مشابهة يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
(( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَال:َ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَك،ِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّه،ِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ ))،
وهو يبين ذلك المعنى الجميل في قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( والبركةُ من الله ))!
وقد يقول القائل: إن هذه البركة كانت لوجود النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، ولو كان الصحابة وحدهم فقط لمَا حدث لهم ذلك. لا شك أن ما حدث كان معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلما من أعلام نبوته، ولكنه في نفس الوقت كان كرامة للصحابة رضي الله عنهم، وأن ما تنزل عليهم من المعجزات والبركات كان دليلا على عناية الله تعالى بهم وأن بركة الله جل وعلا كانت تحيطهم.
☘ إذا علمنا هذه القصص الصحيحة فلا شك أن حزنًا كثيفًا سيخيم علينا، إذ إن الأحوال التي نعيشها اليوم لا نكاد نرى فيها بركة في وقت ولا في جهد ولا في صحة ولا في مال ولا في أكل ولا في شرب ولا في ولد، ولا في شيء، إلا من رحم الله، فما أن يبدأ اليوم حتى تجد المغرب قد أوشك والمرء لم يُحصل شيئا !
الخروج من هذه الأحوال الحزينة يستدعي أن يسارع المرء في الأخذ بأهم أسباب البركة ، وهو القرآن الكريم، فهو كلام الله تعالى المبارك، كما قال سبحانه :
{ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ مُبَـٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَـٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَـٰب }
[ ص: ٢٩ ]
فهو أعظم أسباب البركة التي قد تغافلنا عنها، وقصرنا فيها، وفرطنا في كل نواحيها، من التلاوة والحفظ والعلم والعمل والاستشفاء والدعوة إليه، وغير ذلك من بركات القرآن الذي حان الوقت للتوبة من الغفلة عنه ونسيانه والتقصير فيه؛ خروجا من هجره وانتظارا لتنزل بركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ / د. محمد الدبيسي
{ وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡہِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ }
[ الأعراف: ٩٦ ] .
🌸 ومن القصص التي تبين هذه البركة، وتبين قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه وتصديق الله جل وعلا له في النبوة والرسالة، قصة الحديبية، التي رواها الإمام البخاري عن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال :
(( عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ مَا لَكُمْ ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُون،ِ قَال:َ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا . فَقُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ ؟ قَال:َ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً ))
* والرَكوة :
وعاء صغير من جلد، يشرب منه السائر في الصحراء، فلما ذهب الصحابة يشكون إلي النبي صلى الله عليه وسلم شدة العطش، إذا ببركة من بركات الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم قد ظهرت، فتفجرت ينابيع الماء التي سقت ألف وخمسمائة ، ولو كانوا مائة ألف - كما قال جابر رضي الله عنه- لكفاهم الماء !
وفي قصة مشابهة يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
(( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَال:َ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَك،ِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّه،ِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ ))،
وهو يبين ذلك المعنى الجميل في قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( والبركةُ من الله ))!
وقد يقول القائل: إن هذه البركة كانت لوجود النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، ولو كان الصحابة وحدهم فقط لمَا حدث لهم ذلك. لا شك أن ما حدث كان معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلما من أعلام نبوته، ولكنه في نفس الوقت كان كرامة للصحابة رضي الله عنهم، وأن ما تنزل عليهم من المعجزات والبركات كان دليلا على عناية الله تعالى بهم وأن بركة الله جل وعلا كانت تحيطهم.
☘ إذا علمنا هذه القصص الصحيحة فلا شك أن حزنًا كثيفًا سيخيم علينا، إذ إن الأحوال التي نعيشها اليوم لا نكاد نرى فيها بركة في وقت ولا في جهد ولا في صحة ولا في مال ولا في أكل ولا في شرب ولا في ولد، ولا في شيء، إلا من رحم الله، فما أن يبدأ اليوم حتى تجد المغرب قد أوشك والمرء لم يُحصل شيئا !
الخروج من هذه الأحوال الحزينة يستدعي أن يسارع المرء في الأخذ بأهم أسباب البركة ، وهو القرآن الكريم، فهو كلام الله تعالى المبارك، كما قال سبحانه :
{ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ مُبَـٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَـٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَـٰب }
[ ص: ٢٩ ]
فهو أعظم أسباب البركة التي قد تغافلنا عنها، وقصرنا فيها، وفرطنا في كل نواحيها، من التلاوة والحفظ والعلم والعمل والاستشفاء والدعوة إليه، وغير ذلك من بركات القرآن الذي حان الوقت للتوبة من الغفلة عنه ونسيانه والتقصير فيه؛ خروجا من هجره وانتظارا لتنزل بركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من خطب ودروس فضيلة الشيخ / د. محمد الدبيسي