من طلب العلم يحرم عليه التراجع! 🚫

📝 تأمل يا طالب العلم هذا الكلام العظيم من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .. قال رحمه الله: ” ولهذا مَضَت السنة بأنَّ الشروع في العلم والجهاد ؛ يلزم .ُ كالشروع في الحج . يعنى أنَّ ما حفظه من علمِ الدِّين ، وعلم الجهاد ليس له إضاعته.. لقول النبى صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قرأ القرآنَ ثمَّ نسيَه لقيَ اللهَ وهو أجذم”-1- رواه أبو داود. وقال: “عُرِضَت عليَّ أعمالُ أمتي حسنها وسيِّئها فرأيتُ في مساوئ أعمالها الرجل يؤتيه اللهُ آيةً من القرآن ثم ينام عنها حتى ينساها”-2-. وقال: “من تعلَّمَ الرميَ ثم نسيَه فليس منا”-3- رواه مسلم. وكذلك الشروع في عمل الجهاد ، فإنَّ المسلمين إذا صافُّوا عدوا ،ً أو حاصروا حصناً ؛ ليس لهم الانصرافُ عنه حتى يفتحوه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ينبغي لنبيٍّ إذا لَبِسَ لأمتَه أن ينزعَها حتى يحكمَ الله بينه وبين عدوِّه”-4-. فالمرصدون[أي:المتصدون] للعلم عليهم للأمة حفظُ علم الدين وتبليغه . فإذا لم يبلغِّوهم علمَ الدين ، أو ضيَّعوا حفظَه ؛ كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين .. ولهذا قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)-5-. فإنَّ ضررَ كتمانهم تعدَّى إلى البهائم وغيرها ، فلعنَهم اللاعنون حتى البهائم . كما أنَّ معلم الخير يصلي عليه الله وملائكته ويستغفر له كلُّ شيءٍ حتى الحيتان في جوف البحر والطير في جو السماء. وكذلك كذبهم في العلم من أعظم الظلم ، وكذلك إظهارهم للمعاصي والبدع التي تمنع الثقة بأقوالهم ، وتصرف القلوبَ عن اتِّباعهم ، وتقتضي متابعة الناس لهم فيها ؛ هي من أعظم الظلم، ويستحقون من الذمِّ والعقوبة عليها مالا يستحقُّه مَنْ أظهرَ الكذبَ والمعاصي والبدع من غيرهم ؛ لأنَّ إظهارَ غير العالم -وإن كان فيه نوعُ ضرر – فليس هو مثلَ العالم في الضرر الذي يمنع ظهورَ الحقِّ ، ويوجب ظهورَ الباطل ، فإنَّ إظهارَ هؤلاء للفجور والبدع بمنزلة إعراض المقاتلة عن الجهاد ودفع العدو . ليس هو مثل إعراض آحاد المقاتلة . لما في ذلك من الضرر العظيم على المسلمين. فتركُ أهل العلم لتبليغ الدين ، كترك أهل القتال للجهاد . وتركُ أهل القتال للقتال الواجب عليهم ، كترك أهل العلم للتبليغ الواجب عليهم . كلاهما ذنبٌ عظيم ٌ.. وليس هو مثلَ ترك ماتحتاج الأمة إليه مما هو مفوَّضٌ إليهم ، فإنَّ تركَ هذا أعظمُ من ترك أداءِ المال الواجب إلى مستحقِّه . وما يُظهرونه من البدع والمعاصي التي تمنعُ قبولَ قولهم ، وتدعو النفوسَ إلى موافقتهم ، وتمنعهم وغيرَهم من إظهار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ أشدُّ ضرراً للأمة ، وضرراً عليهم من إظهار غيرهم لذلك. ولهذا جبلَ الله قلوب الأمة على أنها تستعظمُ جُبنَ الجندي ، وفشلَه ، وتركَه للجهاد ، ومعاونتَه للعدو ؛ أكثر مما تستعظمه من غيره . وتستعظمُ إظهارَ العالم الفسوق والبدع أكثر مما تستعظم ذلك من غيره . بخلاف فسوق الجندي وظلمه وفاحشته، وبخلاف قعود العالم عن الجهاد بالبدن ” .
📚 مجموع الفتاوى (28 /186–189)
--------------------------------
1- أخرجه: أبو داود في السُّنن ـ كما قال المصنف كذلك ـ وأخرجه أحمد في المسند، وعبد الرزاق في المصنف، والدارمي في المسند، وغيرهم. وإسناده ضعيف فيه ثلاث علل بيَّنها الألباني ـ رحمه الله ـ في السِّلسلة الضَّعيفة (3/530)(1355).
2- أخرجه أبو داود في السُّنن، والتِّرمذي في الجامع واستغربه، وابن خزيمة في الصَّحيح، وغيرهم. وإسناده ضعيف فيه علَّتان بيَّنهما الألباني ـ رحمه الله ـ في ضعيف أبي داود ـ الأم ـ (1/165).
3- رواه مسلم بلفظ * عن فقيم اللخمي أنه قال لعقبة بن عامر رضي الله عنه: تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك. قال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم لم أعاينه. قال: «من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى». (أخرجه مسلم (1919))*و أورده الألباني رحمه الله في فقه السيرة ص 210
4- صحيح أورده الألباني رحمه الله في فقه السيرة ص 250 بلفظ - يَضَعَها- مكان -ينزعَها-
5- -159- سورة البقرة

➖➖➖➖🔶➖➖➖➖